الحمد لله ربّ العالمين، الصلاة والسلام على سيد المرسلين أبي القاسم محمد وعلى إله وصبحه المنتجبين.
تعدّ الثورة المعرفية والمعلوماتية إحدى أهم سمات القرن الحادي والعشرين مّما أثر الى حدٍ كبير على أهمية العلوم الإنسانية ومكانتها في التنمية البشرية بصورة عامة، بيدّ أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الدراسة والبحث في العلوم الإنسانية أو فصلها عن العلوم التقنية والمعلوماتية المعاصرة، فاللغات والقانون والاقتصاد وأخلاقيات العلم …. الخ تعدّ من العلوم الأساسية المكملة للعلوم التقنية والمعلوماتية المعاصرة، ومن هنا تأتي أهمية العلوم الإنسانية في الوقت الحاضر على خلاف ما يدعي البعض، فكل علم معاصر له جذوره وتاريخه وصيرورته، فربما بعد عشرين عاماً من الآن قد تعود الى ما أنتج اليوم من نظريات وأفكار وآراء، وهذا ما يطلق عليه تاريخ العلم.
إن أبرز ما يعيشه واقع العلوم الإنسانية اليوم، تلك النظرة القاصرة لها، بسبب ما أفرزته الثورة التقنية والمعلوماتية المعاصرة من برامج ومنصات إلكترونية ومواقع تواصل …الخ نمّطت حياة الإنسان وجعلته تحت تأثير الآلات الإلكترونية لساعات تفصله عن واقعه، وتنمي فيه قيماً جديدة بعيدة عن تراثه وتاريخه.
وفي المقابل، فإن هذه الثورة التقنية والمعلوماتية قد جعلت العالم اليوم في كل المجالات بما فيها العلوم الإنسانية بين الإنسان بسرعة متناهية مّما ولدّ شعوراً بأهمية الزمن في أي نشاط إنساني.
إنّ العلوم الإنسانية إذا ما أرادت أن تحتفظ بمكانة مهمة في عالم المعرفة اليوم عليها أن تتكيف مع مستلزمات المعرفة التي انتجتها الثورة التقنية والمعلوماتية، فالعلوم الإنسانية يمكن تدريسها وفق برامج تقنية، وما تجربة التعليم الإلكتروني والمنصات إلا نماذج واضحة في هذا المجال، لذلك لابدّ أن يمتلك الباحثون في العلوم الإنسانية المؤهلات التقنية اللازمة لتمكينهم من الدخول إلى عالم المعرفة المعاصر للوصول إلى الموارد المعرفية في حقول الاختصاصات المختلفة.
لقد بذلت كلية الآداب في الجامعة العراقية جهوداً كبيرة في استخدام التقنيات المعاصرة في العديد من مفاصل العلمية التربوية والإدارية من أجل تسهيل نقل المعرفة سواءً لكوادر الكلية من تدريسين وموظفين أو للطلبة على حد سواء.
وأخيراً أتمنى للباحثين، المشاركين في هذا المؤتمر الذي يعقد في ظل جائحة كوروناCoviD19)) الموفقية والنجاح , ولا يفوتني أن أنوه إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها لجان المؤتمر في التهيئة والإعداد وتحملها للمشاق , وكلي أمل في أن جهودهم ستكلل بالنجاح.
الاستاذ الدكتور
حسين داخل البهادلي
عميد كلية الآداب